سون هيونغ مين- أسطورة كورية تتوج مسيرتها الأوروبية وتغادر توتنهام

أسدل النجم الكوري الجنوبي المتألق، هيونج سون مين، مسيرة ذهبية حافلة بالإنجازات مع نادي توتنهام هوتسبير الإنجليزي، معلنًا عن رحيله المرتقب هذا الصيف، لتنتهي بذلك حقبة امتدت لعقد كامل من الزمن قضاها في صفوف الفريق اللندني، تُوجت بالفوز بلقب "يوروبا ليج" في شهر مايو المنصرم، في مباراة حاسمة ضد نادي مانشستر يونايتد.
عندما وطأت قدما سون أرض ملعب توتنهام، كان لاعبًا غير معروف نسبيًا لدى الكثيرين، إلا أنه سرعان ما أصبح أغلى صفقة للاعب آسيوي في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز، وذلك عندما انضم إلى الفريق في عام 2015، وكان يبلغ آنذاك 23 عامًا، في صفقة قدرت قيمتها بحوالي 22.5 مليون جنيه إسترليني، قادمًا من نادي باير ليفركوزن الألماني.
صرح ميكي هازارد، اللاعب الأسطوري الذي حصد مع توتنهام لقبي كأس الاتحاد الإنجليزي وكأس الاتحاد الأوروبي في عامي 1982 و1984، قائلاً: "عندما التحق سون بتوتنهام، لم يكن معروفًا على نطاق واسع، ولكن بعد مرور 10 سنوات، أصبح أسطورة من أساطير هذا النادي العريق".
وأضاف هازارد في تصريحاته عبر شبكة الإذاعة البريطانية "بي بي سي": "نحن نقدر اللاعبين الذين يبذلون قصارى جهدهم من أجل هذا النادي، ولهذا السبب سيظل سون يحظى بتقدير كبير في قلوب الجماهير".
وفي الوقت الحالي، يبلغ قائد منتخب كوريا الجنوبية 33 عامًا، وقد نقش اسمه بأحرف من نور في سجلات تاريخ النادي اللندني، وذلك بعدما أهدى الفريق اللقب الأوروبي الغالي قبل أسابيع قليلة، منهيًا بذلك فترة انتظار طويلة دامت 17 عامًا لتحقيق بطولة كبرى. يغادر هيونج سون مين الفريق مرفوع الرأس، بعد مسيرة حافلة خاض خلالها 454 مباراة، وتمكن خلالها من تسجيل 173 هدفًا.
ويقول النمساوي كيفن فيمر، لاعب توتنهام السابق، الذي جمعته علاقة صداقة قوية بالنجم الكوري على مدار عامين قضاها معه في صفوف الفريق الإنجليزي: "أشك في أننا سنشهد ظهور لاعب آخر مثل سون في توتنهام، لقد رحل وكأنه نجم من نجوم الروك. إن الاستمرار لمدة 10 أعوام في نادٍ بحجم توتنهام يعتبر إنجازًا استثنائيًا بكل المقاييس".
لقد استطاع هيونج سون مين، الذي يستعد حاليًا للانتقال إلى نادي لوس أنجليس إف سي الأمريكي، أن يكسب محبة الجميع، وأن يتربع على عرش قلوب زملائه، وذلك بفضل تصرفاته النبيلة خارج المستطيل الأخضر، مثل اصطحاب الفريق إلى حفل شواء كوري تقليدي خلال جولة توتنهام التحضيرية التي أقيمت في كوريا الجنوبية عام 2022، بالإضافة إلى تقديم هدايا شخصية لجميع أفراد المجموعة تخليدًا لذكرى زيارتهم إلى وطنه الأم.
شهدت مسيرة "سون" العديد من الأحداث المثيرة والمفارقات العجيبة، حيث سبق للنجم الكوري الجنوبي أن رفض العمل تحت قيادة المدرب الأرجنتيني ماوريسيو بوتشيتينو عندما كان مدربًا لنادي ساوثهامبتون في عام 2013، إلا أنه تألق بشكل لافت تحت قيادة بوتشيتينو داخل جدران النادي اللندني.
عانى سون من صعوبات في التأقلم خلال أيامه الأولى في لندن، بل إنه طلب الرحيل بعد مرور أقل من عام على توقيع عقده الذي يمتد لخمسة أعوام، قبل أن يتخذ قرارًا بالبقاء والقتال من أجل الحصول على مكان في التشكيلة الأساسية. وقد أصبح سون أحد أبرز نجوم الدوري الإنجليزي، حيث فاز بجائزة الحذاء الذهبي كهداف للدوري الإنجليزي الممتاز لموسم 2021-2022، بالتساوي مع محمد صلاح، نجم ليفربول، بعد أن سجل كل منهما 23 هدفًا. كما حصد جائزة بوشكاش، التي يمنحها الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" لصاحب أجمل هدف في العام، عن هدفه الرائع في مرمى بيرنلي عام 2019.
بالإضافة إلى ذلك، فاز بجائزة لاعب الشهر في الدوري الإنجليزي أربع مرات، وجائزة هدف الشهر مرتين، وجائزة أفضل لاعب في توتنهام ثلاث مرات.
وعلى الجانب الآخر، كانت هناك بعض اللحظات التي خيم عليها الحزن وخيبة الأمل، مثل الهزيمة المرة التي تلقاها مع زملائه في توتنهام أمام ليفربول في نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2019، والخسارة أمام مانشستر سيتي في نهائي كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة بعدها بعامين في عام 2021.
وأشارت شبكة "بي بي سي" في تقرير لها إلى أن البرامج التلفزيونية في كوريا الجنوبية تعرض باستمرار أفضل أهداف سون وتمريراته الحاسمة، ويظهر النجم السابق لتوتنهام في لوحات إعلانية ضخمة تروج لمختلف المنتجات، بدءًا من الملابس وصولًا إلى الآيس كريم، كما تزدان صورته جوانب حافلات العاصمة بهدف الترويج للسياحة.
وقد قام هيونج سون مين بإنشاء أكاديمية لكرة القدم في مسقط رأسه، مدينة تشونتشيون، التي تبعد حوالي 80 كيلومترًا عن العاصمة سيول، ويزين هذه الأكاديمية جدارية فنية ضخمة تكريمًا لهذا النجم المتألق.